السبت، 12 يوليو 2008

قبيلة المسيرية السودانية


ذات جذور عربية رحلت من تونس واستقرت في كردفان
تنتمي قبيلة المسيرية السودانية إلى جذور عربية من جهينة التي كانت تقطن المنطقة الغربية لجنوب كردفان واشتهرت برعي الابقار وقد قدموا للسودان من تونس عن طريق تشاد بحثاً عن المراعي الجيدة والمناطق الآمنة وقد ساهم اعتزازهم بأصولهم العربية في احتفاظهم بالكثير من العادات الاصيلة مثل ولعهم بالفروسية وركوب الخيل.وتنقسم قبائل المسيرية الى فصيلين: المسيرية الحمر، والمسيرية الزرق،ويضم كل فصيل عدة قبائل تتفرع بدورها إلى عشائر، وتتميز جميعها بالتجوال حيث تنطلق المسيرية مع ابقارها من شمال كردفان إلى جنوبها وبالعكس ويكون ذلك في أواخر شهر يونيو هرباً من الذياب في الجنوب وهطول الامطار بشدة، ويمكثون في الشمال حتى شهر سبتمبر وهذه الفترة يسمونها المخرف نسبة إلى فترة الخريف ويقصون فيها وقتاً ممتعاً حيث انتعاش الاسواق بالمدن القريبة مثل بابنوسه، ابو زبد، رجل الفولة، وحتى سوق مدينة الابيض وما بين شهري اكتوبر وآخر يناير تستقر مجموعات كبيرة من المسيرية الزرق بالقرب من المدن والمسيرية الحمر بالقرب من مدن أخرى.الرحلة بالثيرانيستخدم المسيرية في رحلاتهم الثيران المروضة منذ الصغر والمعدة سلفاً لعملية الترحال وهي مقسمة إلى أنواع الكيلاني وهو الثور المختص بحمل العفش )اثاث البيت( وتمتطيه المرأة ،وهناك الثور الخاص بالفتاة غير المتزوجة.وفي مجتمع المسيرية تنتشر ظاهرة الحكمات، وهن شاعرات القبيله ويتمتعن بسلطة اجتماعية كبيرة لقدرتهن على تأليف وقول الشعر ، يثرن القبيلة بقصائد من الحماسة والفخر وفي المقابل يوجد الشعراء من الرجال ويعرفون بالهداي وينشد الشعر على آلة أم كيكي تشبه آلة الكمان كما يوجد شاعر الديابة ويعرف ب أم بري بري ,أما الرقص عند قبائل المسيرية فهو متنوع ويوجد منه النقارة وهي التي يرقص فيها الفتيان على شكل دائرة وتوضع آلة النقارة في منتصف حلبة الرقص التي يشارك فيها الشباب ويرتدون جلاليب قصيرة تسمى عراريق ويضعون على رؤسهم بعض الريش المثبت على الطواقي الحمراء، ويحمل كل شاب سكيناً مزيناً، وتتزين الفتيات بالحلي والحرز )السكسك( ويربطن على خصورهن العمائم، ويتكون العازفون من أربعة اشخاص الأول يضرب على النقارة والثاني على آلة التمبل، والثالث على السواق والرابع يغني.أما عن مراسم الزواج وعقد القران في قبائل المسيرية فهي تبدأ في الصباح الباكر حيث يتم الاتفاق على الزواج بمباركة جميع أفراد الاسرة من الطرفين وبعد الاتفاق على المهر والذي يسمى )عدل البنت( تبدأ عملية تجهيز مستلزمات بيت الزوجية، وفي هذه الفترة يقدم والد العريس إلى العروس هدية عبارة عن ثور، وبعد اكتمال التجهيز يتم تحديد يوم الفرح وتبدأ مراسمه باحضار الشيلة من ملابس وملايات إلى منزل العروس مصحوبة بالغناء والزغاريد، ويشترط أن يكون باب المنزل الذي سيقام به حفل الزواج باتجاه القبلة، للفأل الحسن ويبدأ العرس برقصات النقارة حتى طلوع الفجر ويستمر الاحتفال صباحاً ومساء لمدة اسبوع كامل يمكث العريس خلاله لدى أهل عروسته ثم يرحلان بعدها إلى الاقامة في منزل أهله مباشرة.
تحدث المؤرخ بليني في كتابه المسمى (التاريخ الطبيعي) الذي ألفه في القرن الأول الميلادي عن قبائل عربية بعينها وأسمائها وقال انها كانت تسكن منذ القدم فيما بين النيل والبحر الأحمر في نفس البلاد والمناطق التي نسب اليها الكتّاب الإسلاميون فيما بعد هجرات عرب ربيعة وجهينة ومضر وبني تميم وقيس عيلان وغيرها.

ومن الدلائل القوية على إنتماء العطاوة وحيماد ورشاد وهم المسيرية والتعايشة والهبانية وبني هلبه والرزيقات والحوازمة والزيود وسليم واولاد حميد وغيرهم من تلك الدلائل محافظتهم في بواديهم الممتدة من أم دافوق وحفرة النحاس غرباً وحتى ديار سليم بضواحي كوستي شرقاً على لغة الاستنطاء الجهنية القديمة والتي ربما كادت تندثر عن العرب في جزيرتهم اليوم . فالبقارية غير المتعلمة ومن على ظهر ثورها تقول لك انطيني الماعون والعرب قالوا قديماً في الإستنطاء اذا وقعت العين سكانة وجاوزت الطاء تقلب نوناً أعطي في أنطي.

جاء المسيرية ضمن قبائل عديدة في هجراتهم للسودان من الغرب وهي هجرات لم تكن دفعة واحدة بل جاءت متوالية كما أن المسيرية قد استوطنوا بتشاد حالياً لفترات طويلة من الزمن وعندما ظعنوا صوب السودان تركوا وجوداً كبيراً بديارهم هناك ولهم اليوم نظارات بتشاد تعتبر من أغنى قبائل تشاد في الثروة الحيوانية وخصوبة أراضيها حيث يغطون مساحات كبيرة في مديرية البطحة في مركز ام حجر بتشاد .

نجد المسيرية وفرعيهم الحمر والزرق حيث أن الحمر عاصمتهم الكنجارا الزرق عاصمتهم السنيط ونجد المسرية وبأعداد كبيرة في أم ساق وفي حراز حمبو بتشاد وهم هناك ينقسمون الى اربعة أقسام كبيرة حيث ينقسم الزرق على علاونة وأولاد غانم وينقسم الحمر الى فلايتة وعجايرة وناظر الزرق هناك هو فضل مكاوي لونجي ومقره السنيط والحمر ناظرهم عبدالله قجة حمدته "ول حمدته" ومقره الكنجارا وهم هناك يرعون الإبل وتلأغنام والحوازمة هناك مندمغون في المسيرية كانوا مع الحمر ثم حدثت قديماً مشكلة تحول بموجبها الحوازمة الى ادارة المسيرية الزرق والمسرية بتشاد يعتبرون أغنى قبائل العرب ولهم انتشار في مناطق تشاد الشرقية والشمالية.

المسيرية بدارفور:-

تعتبر منطقة نتيقة ومن معالمها (جبل كرو) ويطلون عليه ابو غريرية جبل الشيخات تعتبر المقر الرئيسي للمسيرية بدارفور حيث حطوا الرحال في أيامهم الأولى هناك على سفحه الغربي وهو يعبر وقتها موقعاً استراتيجياً على جبل كرو يسهل الدفاع عنه ابان الغارات القبلية التي لا تنقطع وقتها . توجد الرسوم والآثار بجبل كرو وتقع نتيقة في وادي عريض جميل المناظر يمتد من الجنوب الى الشمال حيث ترقد مدينة نتيقة على ضفافة الشرقية وهي مدينة بناها رجال المسرية بتكاتفهم ووحدتهم الفريدة فبنوا المساجد والمدارس ودار للقضاء ودار للخدمات البيطرية ومرافق كثيرة بنتيقة والبان جديد كل هذا بنوه بالجهد الشعبي فضربوا أصدق مثال في بناء الأوطان والغيرة عليها. ثم توسعت المسيرية بعد ذلك بدارفور عبر تاريخهم بها حيث جعلوا نتيقة ملتقى لكل كياناتهم البشرية ومقراً لهم وصارت لهم طرق ومسارات . وتقع البان جديد على بعد أميال قليلة جنوب نتيقة وتعتنبر من أكبر المناطق التي يتجمع بها المسيرية وتمتاز مناطق المسيرية بوفرة موارد المياه حيث تتخللها العديد من الوديان والمياه السطحية وتمتاز بمراعيها الخصبة طوال العام ومنطقتهم ذات أرض منبسطة وسهول رعوية غنية يقصدها الرعاة من أنحاء كثيرة وتتنوع المراعي بها .

ويبلغ تعداد المسيرية هناك أكثر من مائتي الف نسمة معظمهم رحل وبعضهم إستقر بتيقة والبان جديد وغيرها . ومن القبائل التي تعايشت وتمازجت مع المسيرية هم قبائل البرنو والفور والزغاوة والترجم والبرقد وغيرهم.

مراحيل المسيرية :-

من أهم مراحيلهم مرحال يبدأ من شمال أم دافوق الرهيد البردي ثم الخضراء والشويب مروراً بعد الفرسان ثم أم جناح الى دقريس ثم مرحال يبدأ من العرديبة الصفراء مروراً بتهم ثم بفركنج وينتهي بشمال عد الفرسان وأبو جاز ومرحال يبدأ من تسي مروراً بالقنطور ثم رهود الفقرا الى كاس وفي حالة جودة الأمطار يعبروا الأسفلت ثم مروراً بشرق جبل مرة . ومرحال يبدأ من أم دخن الى بلتي ثم الجميزة الحمراء وينتهي عند كرولي وشرق جبل مرة. ومرحال يبدأ من أم دخن الى كرحمار بسللي ثم الى مراية زايدة ثم الى بورو وينتهي عند شرق االجبل . ومرحال يبدأ من سرف البخس الى كابار الى مرلنقا خيرالله وينتهي عند غرب جبل مرة . ومرحال يبدأ من بحر العرب ويمر بالسنطة الجمل ثم بغرب لبدو وتعايشة ورهد التيار ومسكو وعلاونة جنوب الفاشر .

التكوين الحالي للمسيرية :-
بعد قرون من المصاهرة وذوبان كثير من القبائل العربية داخلهم صار التكوين الحالي هو تكوين المسيرية اليوم . وينقسم المسيرية الى قسمين :-

1/ المسيرية الزرق وينقسمون الى ثلاثة أقسام :

أ/ العلاونة. ب/ العنينات. ج/الزرق.

2/ المسيرية الحمر وينقسمون الى قسمين :

أ/ الفلايتة . ب/ العجايرة (وهم أكبر فروع المسيرية عدداً)

المسيرية والمهدية :-

قال الإمام المهدي ( المسيرية أبكار المهدي ) وقال الخليفة عبدالله ( المسيرية بالنسبة لي كالشجرة الظليلة الجأ إليها وقت الهجيرة ) ربما كانت هاتين المقولتين عن دور المسيرية في الثورة المهدية أبلغ من أي صفحات أو أي مقالات يمكن أن تكتب أو تقال لتفي المسيرية حقهم كاملاً لما لعبوه من دور وتضحيات جسام بذلوها انتصاراً للثورة المهدية.

فقد حاربوا ضد الإستعمار وذلك حينما جاء علي الجلة مع كوكبة من رجاله حال رجوعهم من الأبيض لتسلم الإتاوة المفروضة عليهم من قبل الأتراك جاءوا لديارهم بخبر أن المهدي المنتظر قد ظهر وأكل الأتراك في قدير وماس الجرادة وعصر على الأبيض أي حاصرها وشددّ عليها حينها اجتمعت المسيرية وأعلنوا عصيانهم على الأتراك وشنوا هجوماً عنيفاً مباغتاً على حامية الأتراك بمنطقة طيرة حميرة بالقرب من مدينة الأضية الحالية فأبادوها عن بكرة أبيها واتسولوا على أسلحتها وعتادها ثم ظعنوا جنوباً حيث أرسلت الحوكمة التركية تجريدة مسلحة بقيادة الأغا لتأديب المسيرية وإخماد ثورتهم باسم المهدية. وفي منطقة عجاج على بعد 85 ميل جنوب شرق مدينة المجلد الحالية وبعد ان استدرج المسيرية في خطة محكمة حملة الأتراك الى داخل الغابات وزعوا قبائلهم ومقاتليهم في مخابئ كثيرة وسط الحشائش والأدغال على جانب الطريق الذي سيسلكه جيش الأتراك وبالاتفاق مع الأعراب ومعهم كثير من رجال الروب بيونق ناظر دينكا نقوك ابيي حيث ضربت النقارة المتفق عليها وهي نغمات تحدثها عصى معلومة واسمها الخدم أي خدمة الحرب وهي معروفة لدى كل قبائل البقارة في تلك اللحظة انهالت الخيول كالأسود الكواسر على جيش الأتراك وانهالوا عليهم من جميع الجهات وماهي الا لحظات حتى ابيدت حملة الأتراك عن بكرة أبيها . بعدها أرسل الامام المهدي رسل التهنئة للمسيرية على ذلك الأنتصار الكاسح باسم المهدية.